مما لا شك فيه أن الفرحة تغمر الفُقراء والبَهْجة تُزيِّن حياتهم عند قدوم شهر رمضان المبارك ، فكل دقيقة تقرِّبهم منَ الشهر الكريم تزيد السعادة في قلوبهم، وتريح نفوسهم لأنهم يقْتربون من رمضان، وأملهم القوي أن الأغنياء لن يتخلوا عنهم، أو يبخلوا عليهم، وأن فضل الله الواسع سوف يشملهم، وسوف ينعمون بالخير الكثير.
فرمضان شهر لتعزيز التراحُم بين المسلمين، وهو بالنِّسبة للفقراء موسم الجُود الذي يفيض عليهم، مما أعطى الله الأغنياء، وفتح لهم من أبواب الرِّزق الواسع والنِّعَم الكثيرة..
ينتظر الفقراءُ شهر رمضان من العام للعام؛ لاعتبارات كثيرة ، فلأنه شهر الخير والإنفاق حيث ليجد بعضهم الفرصة للاستفادة مما ينفقه المسلمون إلا في هذا الشهر الكريم لأن بعض المسلمين لا يُخرج ماله إلا في رمضان، فهو شهرُ المسارَعة إلى الخير، وفِعْل الطاعات، والإنفاق في سبيل الله وبعضهم يستقبل الشهر بالتوبة والإنابة والإقبال على الصلاة والذِّكر وقراءة القرآن ، فهؤلاء نصيبُهم من الخير كبيرٌ لأنَّ رغبتهم في عطْف الأغنياء عليهم لا تنسيهم الحكمة من فرض الصوم ولا تلهيهم عن ذِكْر الله وعن الصلاة..
كما يحتاج الفقراء إلى رمضان القادم أكثر من احتياجهم إلى هذا الشهر في الماضي لغلبَة الفقر وارتفاع الأسعار وعدم وجود مرتبات نتيجة للأزمة الحاصلة التي تمر بها في بلادنا ، ما كان له تأثير وضرر على الكثير ومنها هذه الفئات الضعيفة أولاً قبل غيرهم من الناس..
يشعر الفقراء والمحتاجين عند قدوم رمضان بعجْزٍ شديد في توفير نَفَقات هذا الشَّهر الكريم مما يجعلهم في هَم وغم وحُزن، ولكن رحمة الله عز وجل لا تنساهم ، فجعل الله عز وجل لهم حقاً على كل غني كي لا يفتقدوا فرحة هذا الشهر الكريم ..
أيها الأغنياء والميسورين والمقتدرين:
إن الفقراء والمحتاجين ينتظرون عطفكم في هذا الشهر الكريم وخاصة الأسر المتعففة التي لا تسأل الناس إلحافا فتفقدوهم وأعطوهم بما تجود به نفوسكم ، وكما تعلمون فالصدقة في رمضان يضاعفها الله عز وجل إلى سبعين ضعفاً والله يضاعف لِمَن يشاء ، والصدقة تُطفئ غضب الله تعالى كما يطفئ الماءُ النار قال العدل تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} البقرة: آية رقم 261
إن الفرصة التاريخية قادمة ومهيَّأة لكم لتنالوا من البَرَكات والحسنات فلا تترددوا وتبخلوا في العطاء والإنفاق والجود والإحسان فليس للإحسان جزاء إلا الإحسان، ولا تَتَبَرموا إن قصدوكم بالسؤال وضعْف الحال ، فإسعاد هؤلاء سبيل إلى رضوان الله والجنة. أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل الخير وفعله ، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال إنه نعم القادر ..
د. علي محمد العُمري
الإثنين 14 رمضان 1442ه
الموافق: 26-4-2021م